مرتكزات الحكامة في الدستور المغربي 2

مرتكزات الحكامة في الدستور المغربي
د – عبد الواحد القريشي
أستاذ باحث في القانون العام
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس
تناولت العديد من الكتابات موضوع الحكامة بالدراسة والتحليل ، وهو أمر نخاله طبيعيا نظرا لأهمية هذا الموضوع و لارتباطه بمختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وبذلك تم الحديث عن الحكامة الاقتصادية ،الحكامة الإدارية ، الحكامة القضائية ، الحكامة الترابية ، الحكامة الأمنية …وغيرها من المفاهيم التي تؤكد أهمية الحكامة ومركزيتها في تدبير الشأن العام.
مصطلح الحكامة وإن تعددت التعاريف التي أعطيت له حسب تخصص الباحث أو حقل عمل الهيئة فإن لا خلاف أن مصطلح الحكامة يحيل إلى :
  • التدبير الجيد لا السيء أو الفاسد سواء تعلق الأمر بهيئة عمومية أو تابعة للقطاع الخاص؛
  • الحكامة تتحقق بتظافر مختلف مكونات الهيئة أو المؤسسة ؛
  • تهم الحكامة كل حلقات التدبير انطلاقا من التفكير أو الاقتراح لاتخاذ قرار أو القيام بمشروع معين إلى غاية التنفيذ والتقييم؛
  • ترتبط الحكامة ارتباطا وثيقا بالسياسات العامة ؛
  • الحكامة من حيث الممارسة لا يمكن ربطها بالعصر الحديث ، بل هي ممارسة انسانية ترتبط بتاريخ البشرية وبالفكر الانساني الرامي تحقيق المصلحة من زوايا متعددة…
    الحكامة إذن هي كما عرفتها منظمة الأمم المتحدة والتي تختزل في شمولية تامة جميع المكونات والمجالات الأساسية لهذا المفهوم، باعتباره : الأسلوب التشاركي للحكم ولتدبير الشؤون العامة الذي يرتكز على تعبئة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين و الاجتماعيين، سواء من القطاع العام أو من القطاع الخاص وكذلك من المجتمع المدني، بهدف تحقيق العيش الكريم المستدام لجميع المواطنين.
    وهي كما يؤكد البنك الدولي البحث عن ممكنات تحقيق التنمية الاقتصادية ومحاربة الفساد في الدول النامية وخصوصا الدول الافريقية ،ليتم الربط بيت تأهيل الادارة الحكومية والنمو الاقتصادي .
وبغض النظر عن العديد من التعاريف التي تصب في نفس السياق ، فإنه بقراءة الدستور المغربي الجديد نجد أن مجموعة من الفصول اعتمدت في صياغتها على الحكامة كآلية للتدبير ، بل الأكثر من ذلك أن الفصل الأول اعتبر أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها و الديمقراطية المواطنة والتشاركية و على مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة .
مجوعة من التعاريف تتفق حول المرتكزات الأساسية للحكامة وهي تلك المتمثلة في :
  • سمو القانون
  • اعتماد اللامركزية
  • المساءلة والمحاسبة
  • دعم قيم الشفافية والنزاهة
  • دسترة مشاركة المواطنات والمواطنين
    ماذا إذا عن تجليات هذه المرتكزات في الدستور المغربي علما أن هذه المرتكزات ليست الوحيدة التي تضمنها الدستور؟
    أولا : سمو القانون
    نص الفصل السادس من الدستور على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع أشخاصا ذاتيين واعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه،وملزمون بالامتثال له .
    تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين ، والمساواة بينهم ، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
    تعتبر دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها ووجوب نشرها ، مبادئ ملزمة ، ليس للقانون أثر رجعي.
    جاء هذا الفصل بقواعد جد هامة وذات أهمية بالغة .
    1 – القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة؛
    2 – تكريس مبدأ المساواة؛
    3 – دسترة مشاركة المواطنات والمواطنين؛
    4 – عدم رجعية القانون؛
    5- دعم الحقوق و الحريات.
    بالرجوع إلى تصدير الدستور نجده ينص على مكانة الاتفاقيات الدولية المصادق عليها والمنشورة بالجريدة وهي مسألة طالما ثار نقاش بصددها ، تلك المتعلقة بسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية ، حيث جاء في التصدير أن الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب ، وفي نطاق أحكام الدستور ، وقوانين المملكة ، وهويتها الوطنية الراسخة ،تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة .
    الأمر إذن أصبح موكولا إلى الاجتهاد القضائي وإلى مذكرات الدفاع التي من شأنها أن تثير مقتضيات الاتفاقيات الدولية بصدد النظر في قضية معينة ، ومن جانب آخر فإن لهيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية دورا أيضا في المطالبة بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية التي تدعم الحقوق والحريات وتكرس مسار بناء دولة الحق والقانون .
    المصادقة على الاتفاقيات الدولية بطبيعة الحال يجب أن تراعي الهوية الوطنية للدولة المغربية وهو شرط لا محيد عنه التزاما بالنص الدستوري أولا وللرقي بالتدبير القانوني للشأن العام وبالتركيز على القضايا الحقيقية للمجتمع ثانيا.
    إن قضية الرقي بالنقاش العمومي وبتدبير الشأن العام لا تتوقف على هيئة دون أخرى ، إذ من الواجب أن تساهم فيها مختلف شرائح المجتمع انطلاقا من المواطن باعتباره فردا وناخبا إلى جمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وكذا الهيئات الرسمية سواء على المستوى المركزي أو اللامركزي.
    ثانيا : اعتماد اللامركزية
    جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل الأول من الدستور أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي ، يقوم على الجهوية المتقدمة .
    ومما يؤكد تبني نظام اللامركزية نجد أن الدستور المغربي خصص الباب التاسع للجهات والجماعات الترابية من الفصل 135 إلى 146، حيث تضمن مجموعة من المبادئ التي من شأنها تحقيق المغزى من اعتماد هذا النظام وذلك بالمساهمة الفعالة في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة.
    مع الإشارة إلى أن للحكامة دورا مهما في تحقيق هذه التنمية
    ومن جملة المبادئ التي تضمنها الفصل التاسع نجد ما يلي :
    1 – تحديد نوع الجماعات الترابية للمملكة بنص القانون ؛
    2 – التسيير الديمقراطي لشؤون الجماعة ؛
    3 – تمكين المواطنين من المشاركة في التدبير الجماعي ؛
    4 – مساهمة الجماعات الترابية في تفعيل السياسات العامة للدولة وفي إعداد السياسات الترابية ؛
    5 – اعتماد توزيع الاختصاصات بين الجماعات الترابية والدولة على مبدأ التفريع ؛
    6 – للجهات والجماعات الترابية سلطة تنظيمية تمارسها داخل اختصاصها الترابي؛
    7- تبني التعاون والتضامن بين الجهات والتعاضد في البرامج والوسائل ، مع الربط بين الاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهات أو إحدى الجماعات الترابية بالموارد الكفيلة بانجازها؛
    8 – خضوع الجهات والجماعات الترابية للمراقبة الإدارية للسادة الولاة والعمال ،مع الإشارة إلى أن العاملين بهذه الهيئات اللامركزية يخضعون للسلطة الرئاسية لرئيس كل هيئة .
    غير أن خضوع الجهات والجماعات الترابية للرقابة الإدارية يجب ألا يتعارض ومبدأ التدبير الحر الذي يتعارض والوصاية الإدارية المشددة سواء على الأشخاص أو على الأعمال ، وسواء تعلق الأمر برقابة المشروعية أو الملاءمة،على اعتبار أن مبدأ التدبير الحر يخول للهيئات اللامركزية :
  • سلطة التداول بكيفية ديمقراطية ؛
  • سلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها ؛
    إن مبدأ التدبير الحر وإن كان لا يعني الاستغناء عن الوصاية أو الرقابة الإدارية فإنه مبدأ يقتضي بالضرورة تخفيف هذه الرقابة.
    في القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية يلاحظ أن تفعيل العديد من القرارات المتعلقة بالرقابة الإدارية على هذه الجماعات يرجع الحسم فيه للقضاء الإداري ، وإذا كنا نعتبر أن رقابة القضاء على الرقابة الإدارية على الجماعات الترابية مطلوبة وضرورية في تدبير الشأن المحلي ، فإن الصياغة الواردة بهذه النصوص لا تعني بالضرورة تخفيف الرقابة الإدارية طالما أن بإمكان سلطة الوصاية تحريك المسطرة في أي وقت لاتخاذ القرارات التي تهدف إليها كانت حلا للمجلس أو عزلا للرئيس أو توقيفا مؤقتا …
    وهكذا فرقابة القضاء الإداري وإن كانت تشكل ضمانة لممارسة الجماعات الترابية وتدبير شؤونها المحلية ، فإنها في نفس الوقت قد تحول دون التدبير الجيد لهذا الشأن في حالة التأخر في البت حتى ولو أن المشرع ربط أمر البت في هذه المسائل بآجال معينة .
    إنها قواعد ومبادئ أساسية اعتمدها الدستور المغربي بهدف الانتقال من التدبير التقليدي للشأن المحلي إلى حكامة ترابية كفيلة بأن تساهم في الرقي بتدبير الشأن العام .
    غير أن الملاحظة الأساسية هي أنه بقدر أهمية هذه المبادئ وتقدمها و اعتبارها من حسنات الدستور المغربي ، فإن التحدي الذي يبقى مطروحا هو أن تجد هذه القواعد البيئة المناسبة لتطبيقها ، وهو أمر لا يتعلق بالسلطات الرسمية، بل بالعديد من الإجراءات منها :
  • تبني تعديلات مهمة تتعلق بشروط تحمل مسؤولية تدبير الشأن الجماعي ، وبهذا الخصوص فإننا نقترح أن يتم الرفع من المستوى التعليمي لرئاسة الجماعات الترابية ولا نرى في هذا الأمر أي تعارض مع المبادئ الديمقراطية ، وإن حصل عدم تقدم مرشحين لجماعة ترابية ما فإننا نقترح فتح باب التباري على شكل مباراة مفتوحة أمام ناخبي الجماعة الترابية المعنية أو على مستوى الجهة أو على المستوى الوطني حسب الحالة ، كما أنه ليس من شأن هذا الاقتراح الذي نعتبره مؤقتا إلى حين توفر الظروف الفضلى للديمقراطية التمثيلية ما يتعارض ومبدأ المساواة .
  • الوقوف بشكل دقيق على مختلف نقائص عيوب الادارة المحلية والعمل على تصحيحها ،وذلك بإيجاد البيئة المناسبة لتفعيل ميكانيزمات اللامركزية والانتقال من تنظيم لامركزي إداري تقليدي إلى تنظيم لامركزي بلمسة مغربية يقوم على الجهوية المتقدمة.
    وهو أمر نعتقد بأنه لا محيد عنه فيما يتعلق بالمقاربة المغربية لتسوية النزاع المتعلق بصحرائنا المغربية عن طريق مشروع الحكم الذاتي.
    تلك اللمسة المغربية المتسمة بالإبداع وبمراعاة مستوى تدبير الشأن العام تطرح السؤال حول النظام المناسب لباقي الجهات وهل يمكن تطويرها تدريجيا للانتقال من اللامركزية الإدارية إلى لامركزية سياسية ؟
  • تدعيم المواطنة الحقة وفي جزء مهم منها بآليات الديمقراطية التشاركية والتي يجب ألا ينظر إليها على أنها وسلة لإشراك فعاليات المجتمع المدني فقط ، بل أيضا كشريك في تدبير الشأن العام مراقب له وخاضع بدوره لمبادئ المسؤولية.
ثالثا : المسؤولية والمحاسبة
من الطبيعي أن تقابل كل مسؤولية بالمحاسبة ، وعلى هذا الأساس فإن مجموعة من فصول الدستور المغربي تطرقت إلى هذه المبدأ لدرجة أن مجموعة من الفصول نصت على إفراد العقوبة مقابل كل إخلال أو تقصير لدرجة يمكن أن نتحدث عن دستور جنائي قائم الذات داخل الدستور المغربي.
هكذا و بتتبع فصول هذا الدستور نقف على مجموعة من القواعد المتعلقة بهذه النقطة وهي التي تتمثل في :
  • معاقبة القانون على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس الشريف؛
  • وجوب ممارسة الحقوق والحريات بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة؛
  • خضوع المرافق العمومية لمعايير الجودة والمحاسبة والمسؤولية ؛
  • تقديم المرافق العمومية الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية مع خضوعها للمراقبة والتقييم؛
  • تقديم تصريح كتابي من طرف كل شخص كان منتخبا أو معينا يمارس مسؤولية عمومية ؛
  • مسؤولية الوزراء بمناسبة تنفيذهم للسياسة الحكومية كل في القطاع المتعلق به وفي إطار التدبير الحكومي ؛
    هذا وتصل المحاسبة إلى المسؤولية الجنائية وفق مقتضيات الفصل 94 من الدستور الذي ينص على أن :” أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة ، عما يرتكبون من جنايات وجنح ، أثناء ممارستهم لمهامهم.
    يحدد القانون المسطرة المتعلقة بهذه المسؤولية.>>
    الدستور المغربي لم يقتصر على سن المبادئ فقط ،بل كرس مجموعة من المؤسسات وأحدث أخرى جديدة ويتعلق الأمر ب :
  • المجلس الأعلى للحسابات ؛
  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ؛
  • المجلس الوطني لحقوق الانسان ؛
  • الوسيط ؛
  • الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري؛
  • مجلس المنافسة؛
  • الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ؛
  • المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة ؛
  • المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ؛
  • المحاكم بمختلف أنواعها .
    وبالنظر إلى الإختصاصات المفترض أن تتكفل بها كل مؤسسة نجد أنها همت مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، غير أن الاشكال المطروح يتمثل في ظروف عمل كل مؤسسة ، وفي العناصر البشرية القادرة على بلورة مختلف التوجهات الدستورية إلى حيز التنفيذ ، الأمر يتعلق على الخصوص بالنخب ليست القادرة فقط على تدبير المرحلة ، بل أيضا النخب التي تؤمن وتعمل على تحقيق قيم المواطنة من أخلاق وشفافية ونزاهة .
    رابعا : دعم قيم الشفافية والنزاهة
    إن التدبير الجيد للمرافق العامة وللشأن العام لا يتطلب فقط منظومة متقدمة من القوانين والنصوص التنظيمية ، بل إن الأمر يتوقف بالأساس على تلك الموارد البشرية القادرة على أجرأة الأهداف المسطرة بالنزاهة المطلوبة و بالأخلاقيات المفترض التحلي بها .
    الأخلاقيات كمنظومة كما يجب أن تتوفر في المرتفقين من خدمات المرافق العمومية مثلا وفي جميع المواطنين ، يجب أيضا أن تعد شرطا أساسيا لتولي كل مسؤولية عمومية ، لكن الجانب الأخلاقي يظل مستعصيا على المراقبة لارتباطه بالجانب القيمي وبضمير المسؤول أو المواطن .
وفي هذا الإطار تضمن الدستور المغربي على الخصوص في بابه الثاني عشر مجموعة من المبادئ والاجراءات نوردها كما يلي :
  • تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها والإنصاف في تغطية التراب الوطني ؛
  • خضوع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية وللمبادئ والقيم الديمقراطية ؛
  • التزام أعوان المرافق العمومية بالقانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة ؛
  • تبني مبدأ مقابل كل مسؤولية محاسبة ؛
  • خضوع ممارسة الشأن العام لآليات المراقبة والتقييم
    كما أن الفصل 36 من الدستور أشار إلى مجموعة أخرى من المبادئ المهمة وتتمثل فيما يلي :
  • معاقبة القانون على الانحراف عن المصلحة العامة واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه وكل مخالفة ذات طابع مالي؛
  • معاقبة القانون على الشطط واستغلال مواقع النفوذ والامتياز و وضعيات الاحتكار والهيمنة وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية .
    ولهذا الغرض فقد أحدثت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تتولى كما هو وارد بالفصل 167 من الدستور مهام المبادرة والتنسيق و الإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسة محاربة الفساد ، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال والمساهمة في تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام وقيم المواطنة المسؤولة.
    خامسا: دسترة مشاركة المواطنات والمواطنين
    يمكن أن ينظر إلى دستور 2011 بأنه من الدساتير التي أرست سندا للديمقراطية التشاركية إلى جانب الديمقراطية التمثيلية وهو الأمر الذي يمكن المواطن من المساهمة في الشأن العام إلى جانب المؤسسات الرسمية من أحزاب سياسية وهيئات وغيرهما ليكون مساهما بدوره في أجرأة المقتضيات الدستورية الجديدة .
    وهكذا فالفصل 114 ينص على أن للمواطنات والمواطنين ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي الحق في ملتمسات في مجال التشريع .
    نعم مقتضى دستوري مهم وغير مسبوق لكن الأهم ألا يتم تنظيمه بمسطرة معقدة تؤدي إلى إجهاضه كما لا يمكن إتاحته دون شروط بشكل يؤدي إلى العبث.
    أما الفصل 15 فقد نص على حق المواطنات والمواطنين في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية ، هذا المقتضى المضمن حاليا في مشاريع القوانين التنظيمية وإن كنا نلاحظ بالإضافة إلى ما سبق أن تفعيل هذه المقتضيات يتوقف على مستوى وعي المواطن بواجباته وحقوقه ، وكذا بكفاءته واهتمامه بتدبير الشأن العام.
    هذا الاهتمام عندما تزداد وثيرته لدرجة أن يصبح شأنا يوميا لكل مواطن، يمكن آنذاك أن نشق الطريق إلى التنمية المستدامة والمندمجة كما هو متوخى في دستورنا المغربي.
    د- عبد الواحد القريشي

المنشورات ذات الصلة

هذا المحتوى محمي
Scroll to Top